مقابلة مع أسقف أبرشية بينتيو في جنوب السودان المطران كارلاساري
ما تزال الأنباء الواردة من جنوب السودان تدل إلى استمرار العنف، وقد كان أحد الآبار النفطية في كردفان، والخاضع لسيطرة قوات الدعم السريع، قد تعرض لهجوم بالمسيرات ما أسفر عن مقتل سبعة جنود وجرح عدد آخرين. وقد تطرق المطران كارلاساري إلى الأوضاع الأمنية الراهنة في البلاد مشيرا إلى أن الحياة البشرية لم تعد تلقى أي احترام، وأعرب عن قلق الكنيسة والمجتمع الدولي البالغ حيال ما يجري هناك مشددا مرة جديدة على ضرورة تطبيق وقف إطلاق النار، خصوصا في وقت نستعد فيه للاحتفال بعيد الميلاد. للمناسبة أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع الأسقف الإيطالي أكد فيها أن الميلاد هو عيد الأخوة، لافتا إلى أن هذه الأخوة هي الحلم الذي يرافقه منذ وصوله كمرسلٍ إلى جنوب السودان لعشرين سنة خلت. وقال إنه كان شاهداً على الكثير من الأوقات الجيدة والسيئة، وقد رأى كيف يتقاطع الرجاء مع معاناة الصليب في حياة شعب جنوب السودان، الذي يحبه الله، مضيفا أنه اختبر الفرح لدى التوقيع على اتفاقية السلام عام ٢٠٠٥، ولدى حصول البلاد على استقلالها في العام ٢٠١١، سعيا إلى العدالة والحرية والازدهار. ومع ذلك لم يخفِ سيادته أسفه حيال الصراع الداخلي الذي تعيشه البلاد والذي مزّق النسيج الاجتماعي، وسبب تهجير ملايين الأشخاص الذين يعيشون حالة من الفقر المدقع وأكد أنه وسط هذا الركام ووسط أنقاض الصراع يذكّرنا الإنجيل بأن الرجاء ليس وهماً، لأنه بذرة متعنتة قادرة على أن تنبت حتى في الأرض القاحلة. بعدها توقف سيادته عند حياة القديس دانيالي كومبوني، المرسل والأسقف الإيطالي، موضحا أن هذا الأخير لم يستسلم قط أمام أي مهمة كان يعتبرها كثيرون مستحيلة. ومن هذا المنطلق ما يزال يؤمن المرسلون الكومبونيان بإمكانية بناء عالم لا يُستثنى فيه أحد، حيث الحياة تحظى بالاحترام، ولا يُحكم على الناس بالفقر، وحيث يساهم التضامن في بناء مجتمع أخوي. وأضاف أنه يحلم بأن يتمكن يوما ما أطفال جنوب السودان من اللعب بعيداً عن مشاعر الخوف، وأن يتمكن الفتيان والفتيات من الذهاب إلى المدرسة، وحيث لا تموت أي امرأة خلال عملية الولادة. وقال إنه يحلم أيضا بألا تكون الموارد الطبيعية مصدراً للظلم، بل أداة للتنمية، وبأن يتمكن شعب جنوب السودان من العمل والعيش بكرامة دون أن يعتمد على المساعدات الإنسانية. ورأى المطران كارلاساري أن جنوب السودان هي أرض فتية وجريحة وتشكل مثالاً حياً لعيد الميلاد، حيث يبدو لنا أن العنف والفقر والانقسامات تخنق الأمل في ولادة ابن الله الذي هو تعبير عن قرب الله منا. وقال إن الله قرر أن يأتي إلى العالم، حيث البشرية تئن وتترقب. وقد اختار درب الفقر ليكشف لنا عن الغنى الحقيقي. تابع سيادته حديثه لموقعنا الإلكتروني متوقفاً عند الإرشاد الرسولي للبابا لاون الرابع عشر "لقد أحببتك" الذي يذكرنا بأن الغنى الحقيقي الوحيد هو تلك المحبة التي أحبنا الله بها. وأضاف أن هذه الرسالة تمسنا في العمق، لأننا ندرك عجز القلب البشري على عيش الأخوة والشركة والسلام بمعزل عن الله. وأشار إلى أنه في هذا الوقت بالذات يأتي الرب لملاقاة فقرنا، ويكسيه بنعمته. كما أن محبة الله ترمم ما كسرناه، وتضمد الجراح التي نسببها، وترفع ما ندوسه تحت أقدامنا. وختم المطران كارلاساري بالقول إن هذا هو سر الله في بيت لحم. إنه قربٌ ملموس وواقعي من الإنسان، وليس مجرد كلمات. وأكد أن الكنيسة تسعى للعب دورها، إذ تنحني على الصغار، ترافقهم، تصغي إليهم وترفع صوتها للدفاع عن قضية المتألمين. |