البطريرك بيتسابالا يبدي تفاؤلا حذراً تجاه المقترح الأمريكي بشأن إنهاء الحرب في غزة البطريرك بيتسابالا يبدي تفاؤلا حذراً تجاه المقترح الأمريكي بشأن إنهاء الحرب في غزة  (AFP or licensors)

البطريرك بيتسابالا يبدي تفاؤلا حذراً تجاه المقترح الأمريكي بشأن إنهاء الحرب في غزة

في أعقاب الانفتاح الذي أبدته حركة حماس حيال مقترح السلام الأمريكي بشأن حل الصراع الدائر في غزة منذ سنتين، أصدر بطريرك القدس للاتين بيرباتيستا بيتسابالا رسالة عبر فيها عن تفاؤله حيال إمكانية وقف القتال وتحقيق السلام في الأرض المقدسة، لكنه أكد أن الطريق ما تزال طويلة أمامنا، مشيرا إلى أن الكنيسة مدعوة إلى نشر الرجاء واعتماد سردية تفتح آفاقا جديدة.

استهل البطريرك بيتسابالا رسالته لافتا إلى أن الأوضاع الراهنة في غزة باتت معروفة لدى الجميع، حيث يستمر القتل والتجويع، والتهجير القسري، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى المستشفيات وتلقي العلاج. وأضاف أنه للمرة الأولى منذ سنتين يدور الحديث بشأن إمكانية فتح صفحة جديدة، وتحرير الرهائن الإسرائيليين، وعدد من السجناء الفلسطينيين، ووقف القصف والعمليات العسكرية.

وكتب غبطته أن المقترح الذي تقدم به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يشكل الخطوة الأولى باتجاه الغاية المنتظرة، وذلك على الرغم من وجود تساؤلات كثيرة. وأضاف أن الخبر السار يكمن في وجود شيء ما إيجابي يلوح في الأفق، بعد هذه المأساة المستمرة منذ سنتين. وقال إنه ينتظر عودة الرهائن الإسرائيليين إلى عائلاتهم، والأسرى الفلسطينيين إلى ذويهم. ولفت إلى أن ما يحملنا اليوم على الفرح هو وقف العمليات العسكرية على أمل أن تكون الهدنة دائمة هذه المرة، وأن تشكل بداية جديدة بالنسبة للجميع، للإسرائيليين والفلسطينيين والعالم كله. مع ذلك شدد غبطته على ضرورة أن نبقى واقعيين، لأن وقف القتال ليس إلا الخطوة الأولى في مسيرة محفوفة بالمخاطر، وضمن سياق ما يزال صعباً جدا.

لم تخل رسالة بطريرك القدس للاتين من الحديث عن الأوضاع الراهنة في الضفة الغربية، والتي تشهد تدهوراً مستمراً، وتوقف عند المشاكل التي تواجهها الجماعات المحلية، لاسيما في القرى الصغيرة، نتيجة الهجمات المتكررة للمستوطنين اليهود. وكتب أن الصراع كان وما يزال جزءا لا يتجزأ من حياة الكنيسة المحلية، التي تعاني من انعدام الأمن والقيود المفروضة على حرية التنقل.

بعدها أشار البطريرك بيتسابالا إلى أجواء انعدام الثقة السائدة في المنطقة، وقال إن الكنيسة مدعوة في هذا السياق إلى تقديم رسالة رجاء، وإلى اعتماد سردية تفتح آفاقاً جديدة، تبني ولا تدمّر. وأضاف أن الكنيسة لا تريد أن تتدخل في الشؤون السياسية وأن تقدم قراءة إستراتيجية للأحداث، لأن ما يهمها هو أن تقدّم نظرة روحية تساعد على الرسوخ في الإنجيل. واعتبر أن العنف المبالغ وغير المتكافئ الذي شهدناه لم يدمّر المنطقة وحسب إنما دمّر النفوس أيضا في الأرض المقدسة وباقي أنحاء العالم. وأوضح أن مشاعر الغضب والحقد والضغينة وانعدام الثقة ما تزال تسيطر على الخطابات وتلوّث القلوب، محذرا من مغبة أن نعتاد على هذه المعاناة، وأكد أن كل حالة من حالات الموت والجوع والإصابة هي فضيحة كبيرة في عيني الله.

تابع بطريرك القدس للاتين رسالته مشيرا إلى أن القوة والعنف أصبحا المعيار الأساسي الذي ترتكز إليه اليوم النماذج السياسية والاقتصادية والثقافية، وربما أيضا الدينية. وأضاف أن هناك من يعتقد أن السلام يمكن أن يُفرض بالقوة، بيد أن التاريخ علّمنا العكس تماما، إذ رأينا في الماضي ما هي نتائج العنف والقوة. كما أن الصور التي تصلنا من غزة ولدت جرحاً عميقاً في الضمائر، وهذه الأحداث تركت أثراً سلبياً أيضا على إيمان الأشخاص. وذكّر بأنه يتم أحياناً استخدام الدين لتبرير المآسي، وهذا الأمر يحول دون التماهي مع معاناة الآخرين، واعتبر في هذا السياق أن المؤمنين مدعوون إلى إبقاء الأنظار موجهة نحو المسيح، لأن هذا الأمر وحده يجعلنا قادرين على النظر إلى الواقع بأعين مختلفة.

هذا ثم شدد غبطته على ضرورة التجاوب مع التحديات المطروحة اليوم أمامنا من خلال المحبة عوضاً عن الرغبة في الانتقام، خصوصا وأن الرب يسوع، معلمنا، اختار لحياته المحبة المجانية والتي تغفر للآخرين. من هذا المنطلق، تابع يقول، لا بد أن تشهد الكنيسة لإيمانها في آلام وقيامة السيد المسيح من بين الأموات. في الختام كتب غبطته أنه لا يعرف ما إذا كانت هذه الحرب ستنتهي في القريب العاجل، لكن الصراع سيستمر وللأسف لأن الأسباب الكامنة وراءه لم تُحل، كما أن نهاية الحرب لا تعني بالضرورة تحقيق السلام لكنها تبقى الخطوة الأولى في درب بناء السلام.

06 أكتوبر 2025, 12:32