بحث

احتفال تطويب الكاهن الشهير بيترو أوروس احتفال تطويب الكاهن الشهير بيترو أوروس 

احتفال تطويب الكاهن الشهير بيترو أوروس

جرى هذا السبت في أوكرانيا احتفال تطويب خادم الله الكاهن الشهيد بيترو أوروس، الذي يشكل مثالاً للرجاء لمن يختبرون الحروب والصراعات المسلحة. وقد ترأس الاحتفال الديني الكاردينال غريغور ريس، رئيس أساقفة لودز ببولندا، ممثلا البابا لاون الرابع عشر. تعليقاً على هذا الحدث الكنسي الهام قال أسقف موكاشيفو للكنيسة الكاثوليكية التي تتبع الطقس البيزنطي المطران ماتسابولا، إن الطوباوي الجديد لم يكن سياسياً، أو جندياً، بل كان كاهناً أمينا لخدمته ورسالته حتى الموت.

الأب أوروس كان كاهناً خدم في أبرشية موكاشيفو، وقد جرى احتفال تطويبه عند الساعة الحادية عشرة من صباح اليوم السبت في مدينة بيلكي الأوكرانية. الكاهن الشهيد هو من مواليد محلة بير المجرية في الرابع عشر من تموز يوليو ١٩١٧، وهو من عائلة أوكرانية، وكان والده إيفان كاهناً ينتمي إلى كنيسة الروم الكاثوليك وقد خدم المنطقة لسنوات طويلة. وبعد أن وافته المنية في العام ١٩١٩، انتقل بيترو، مع والدته وشقيقه إلى العيش في منطقة برزنيكي، حيث كان يعيش جده كيريلو، والذي كان أيضاً كاهنا. في العام ١٩٢٦، أصبح بيترو في سن التاسعة يتيم الأم. وأقام في منزل عائلة كاهن ينتمي إلى كنيسة الروم الكاثوليك في سكورتاسك.

في العام ١٩٤٢ نال الطوباوي الجديد سيامته الكهنوتية، وأدى خدمته في وقت كان فيه النظام السوفيتي يسعى إلى قمع الكنيسة. وفي العام ١٩٤٩ صدر قرار بمنع ممارسة النشاطات الرعوية وبالتالي تم إقفال كل دور العبادة. وقد رفض الأب بيترو أن يلتحق بالكنيسة الأرثوذكسية التي كانت خاضعة لسلطة الدولة، بل قرر أن يبقى أميناً لدعوته، فراح يمارس خدمته الكهنوتية سراً، محتفلاً بالقداديس والرُتب الدينية الأخرى، وكان يعضد المؤمنين ويخدم من رفضوا التخلي عن إيمانهم. في السابع والعشرين من آب أغسطس ١٩٥٣ قُتل على يد عنصر في الاستخبارات السوفيتية أمام المؤمنين في قرية زاريكيا. وفي ذلك اليوم استمع الكاهن الشهيد إلى اعترافات المؤمنين، واحتفل بالقداس. وقد لاحظ البعض وجود شخص مشبوه وسط المؤمنين الذين تقدموا من سر الاعتراف، وأبلغوا الأب بيترو بذلك، لكنه قرر البقاء ومواصلة خدمته على الرغم من الخطر المحدق به.  

في ذلك اليوم أُوقف الكاهن الطوباوي على يد أجهزة الاستخبارات واقتيد إلى قرية زاريكيا. وطلب من عناصر الاستخبارات أن يطلقوا سراحه، فأجابوه قائلين: "عليك أن تصلي. إن نهايتك باتت وشيكة". فجثا الكاهن على ركبتيه وتناول الإفخارستية التي كانت بحوزته، وبعدها سُمعت طلقتان ناريتان واجتازت رصاصة ذقنه وأردته على الفور. وراح القاتل بعدها يتباهى بهذا الإنجاز، ومقابل قتله للأب بيترو تلقى مكافأة قدرها خمسمائة روبل، كانت تساوي في العام ١٩٥٣ أجر فلاح لشهرين من العمل.

المكان الذي دُفن فيه الكاهن الشهيد ظل سرياً طيلة تسع وثلاثين سنة. وبعد أن تم الاعتراف بكنيسة الروم الكاثوليك من قبل السلطات قدم شهود إفاداتٍ بشأن مكان دفنه، وبعد التحقق من هذا الأمر جرت في الثالث والعشرين من آب أغسطس ١٩٩٢ عملية إخراج بقايا الجثة من القبر، وتمت في اليوم التالي مراسم التشييع، ووُضعت الذخائر في كابلة بقرية بيلكي، وما تزال محفوظة هناك لغاية اليوم، وقد توافد إليها العديد من الحجاج على مدى السنوات الماضية.

في الخامس من آب أغسطس ٢٠٢٢ وقع البابا فرنسيس على مرسوم الاعتراف باستشهاد الكاهن. وقد تم إرجاء احتفال التطويب مرات عدة بسبب الحرب في أوكرانيا أولا ثم نتيجة موت البابا فرنسيس، في الحادي والعشرين من أبريل نيسان الماضي. وبعد انتخاب البابا لاون الرابع عشر حُدد موعد التطويب في السابع والعشرين من الجاري. مما لا شك فيه أن حياة هذا الطوباوي تبقى مثالا للشجاعة والرجاء بالنسبة لمن يعانون من الحروب، لاسيما المؤمنين الأوكرانيين. وكان سلاحه الأمانة لخدمته ورفضه الانصياع للقوى الساعية إلى القضاء على كنيسته وعلى كرامة شعبه.

27 سبتمبر 2025, 12:01